الرئيسية - محافظات وأقاليم - هذا هو المقال الذي تسبب بإعتقال الدكتور عادل الشجاع في مصر.. وعلاقة محمد بن سلمان
هذا هو المقال الذي تسبب بإعتقال الدكتور عادل الشجاع في مصر.. وعلاقة محمد بن سلمان
الساعة 02:45 صباحاً

محمد بن سلمان وموسم الهجرة إلى الحوثيين 

بقلم/ د. عادل الشجاع 

اقراء ايضاً :

قال الفيلسوف الألماني هيجل : " الدرس الوحيد الذي نتعلمه من التاريخ ، هو أننا لا نتعلم من التاريخ " ، فالحرب هي أكثر دروس التاريخ قسوة وأجدرها أن تبقى على سطح الذاكرة دوما ، لما تخلفه من جروح دامية في أعماق الروح والجسد ، بالأمس اندفعت السعودية إلى حرب في اليمن هيأت لها كل الأسباب ، بما في ذلك القرار ٢٢١٦، الذي صاغته وتبنته بأثر رجعي زاعمة أنها تريد دعم الشرعية اليمنية في استعادة الدولة التي انقلب عليها الحوثيون ، واليوم تسعى إلى سلام مع الحوثيين بدون استعادة الدولة .

 

حينما انقلب الحوثيون على الدولة جاءت السعودية على رأس تحالف من ١٧ دولة بهدف استعادة الشرعية ، اندفع معظم المثقفين اندفاعا مذهلا وراء عربة الحرب ، البعض يدعي مواجهة العدوان والبعض الآخر يدعي إسقاط الانقلاب ، ولم يكتفوا بالتأييد ، بل تطوعوا في صفوف الطرفين وخاضوا معاركهما ونظموا الأشعار في تمجيد كل طرف على حدة ومارسوا طقوس الحرب بروح المؤمن وتزمت الكافر ، ولم يكتفوا بذلك ، بل وضعوا مواهبهم في خدمة أجهزة الدعاية للحرب وتجريم من يدعو إلى السلام ، وهاهم اليوم يلهثون وراء الاستسلام ويكفرون من يطالب بسلام يعيد لليمن دولتها وللشعب حريته .

 

بعد قتل نصف مليون يمني ومثلهم أرملة وضعفهم جرحى ومعاقين يطالبون الشعب اليمني الموافقة على سلام يجعل المليشيات تحل محل الدولة ، مقابل أن يدفعوا مرتبات الموظفين ، فهل يحتاج اليمنيون إلى من يسوق لهم الحاجة لوقف إراقة الدماء وهم الذين دفنوا بأيديهم الكثير والكثير من الأبناء والأمهات والآباء ، ولم يكونوا مع الحرب ولم يسعوا إليها ، وهم مع السلام ، لكن ليس السلام الذي يكون على حساب دولتهم ومستقبلهم .

 

والسؤال الذي يطرح نفسه ، وبحسب الأرقام ، هل تحالف من ١٧ دولة ومئات المليارات من الدولارات وتقنيات الحرب وتسع سنوات من عمر الزمان ، واستخداما شرسا للأسلحة الحديثة ، لم تكف كلها للقضاء على الحوثيين واستعادة الشرعية ، والنجاح الوحيد الذي حققه هو تدمير البلد الجريح وصناعة حكومة هشة لا تستطيع أن تحمي نفسها ، فهل كانت السعودية تهدف من وراء كل ذلك إلى التفاوض مع الحوثيين على المرتبات التي هي حق لأصحابها ويجب دفع تعويضات إضافية عن كل سنة من سنوات قطعها ؟

 

بعد كل هذه السنوات من الحرب ، تتفاوض السعودية مع الحوثيين على مزاعم السلام ، ونجد مرتزقتها الذين كانوا يبررون لها الحرب ، هم أنفسهم الذين يبررون لها اليوم السلام ، بعد أن تركت اليمن دولة فاشلة تتغذى الشبكات الشرسة من الإجرام والعنف والمخدرات على السكان المحرومين والأرض الخارجة عن سيطرة الدولة ، ولم يقولوا لنا لماذا بدأت الحرب ولماذا تنتهي بهذه الكيفية ؟ فمالذي تغير لدى الحوثي حتى أصبح مؤهلا للسلام ؟ لماذا تحرص السعودية على الحوار مع جماعة الحوثي بشروطها في ظل تنامي حركة المعارضين لها وافتقادها للحاضنة الشعبية ؟ هذا يؤكد بأن الطرفين تخادما في تدمير الدولة اليمنية وتمزيق النسيج الاجتماعي والجغرافيا ، ومن يحاول أن يصور أن الحوثيين خسروا في هذه الحرب أو السعوديون ، فجميعهم كسبوا إسقاط الجمهورية وتعريض السيادة الوطنية للمصادرة والخاسر الوحيد هو الشعب اليمني .